يبكي .. يصرخ بأعلى صوته... يتمدد على الأرض...
يرفس من حوله... يؤذي نفسه أحيانا...
لقد همت أسرته بالخروج من المنتزه ..وهو يريد البقاْء والاستمرار في اللعب..
جميع الأنظار تتجه إليه..فيشعر الوالدان بالحرج ويستجيبان لرغبته مراعاة لمشاعر من حولهم ...
انتصر الصغير وعاد للعب من جديد مدركا السلاح الذي يعينه على إجبار والديه للحصول على ما يريد..
نوبات غضب وصراخ دارجة بين الصغار معتمدة على دق الوتر الحساس عند الوالدين وإشعارهم بالخجل أمام الناس فيحصل المطلوب وتتحقق الرغبات..وكأن الناس من حولنا ليس لهم أطفال أو أن أطفالهم لا يغضبون أبدا...
فلماذا نشعر بالخجل والحرج من تربية أبنائنا أمام الناس؟ ونذهب مسرعين لإخماد غضبهم بتلبية رغباتهم بدلا من البحث عن طرق أخرى قد تساهم في الحد من ثورة الطفل دائما وقدرته على التحكم بانفعالاته.
أثبتت الدراسات أن الكثير من حالات الغضب لدى الأطفال مصدرها الآباء أنفسهم من خلال تصرفاتهم السابقة أو من خلال سلوكهم الذي يتسم بالحزم والقسوة ورغبتهم الدائمة في انقياد الطفل وطاعته لهم طاعة عمياء، أو التدليل الزائد للطفل وتلبية جميع رغباته فيثور الطفل ويبكي حينما لا تلبى رغبته..
إن عصبية الأهل وغضبهم لأتفه الأسباب له دوره في سرعة غضب الأبناء ومن واجب الآباء إصلاح أنفسهم كي يتمكنوا من إصلاح أبنائهم وعلاجهم
ومن شأن المقارنات التي يعقدها الأهل بين أبنائهم أو تحقير أحد الأبناء والحط من قيمته والاستهزاء به أو نقدهم المستمر له أن تكون سببا في ثورة الأبناء وعدم قدرتهم على كبت انفعالاتهم.
عندما يكون الأهل قدوة لأبنائهم في الهدوء والسيطرة على الغضب والتحلي بالصفات الكريمة الرزينة فإن ذلك سينعكس على طباع أبنائهم فالأطفال يتعلمون من خلال القدوة..
و كما قال الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
وحينما يغضب الطفل ويبكي بشدة أمام الآخرين فلا بد لنا أن نتجنب الصراخ عليه وتوبيخه أو ضربه بحجة تعديل سلوكه أو كرد فعل على نوبة غضبه وإنما ينبغي علينا حمله والانزواء به في مكان آخر وأن نطلب منه ونحاول معه أن يسيطر على غضبه وأن يهدأ لكي نستطيع أن نتفاهم معه بهدوء، وأن نوضح له أن أسلوبه هذا لن يمكنه من الحصول على ما يريد.. ولابد أن يعلم أنه من الطبيعي أن يشعر بالغضب وأن نحاول معه للتوصل لوسيلة أخرى يستطيع أن يعبر بها عن غضبه بطريقة أكثر هدوئا.
ومن المهم أيضا ألا نتراجع عن موقفنا لنخفف من حدة الغضب إذا كان سبب الغضب هو رفض طلب للطفل وإلا سيسلك هذه الطريقة دائما للحصول على ما يريد.
ومن المناسب أيضا تعويد الطفل كظم الغيظ وإرشاده للوضوء وشرب الماء والجلوس إن كان واقفا والاضطجاع إن كان جالسا اقتداء بسنة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.
[right][b]